Utilisateur:Adib eL Mili/Brouillon

قَدُورْ بَنْ عْمَرْ الحَدْبِي وَفَضِيحَة العِشْرِينَ عَازِفَا وَ إِثْنَينِ مِنَ اليَهُودْ قَصَدُو بَارِيسْ سَنَة 1867

جرت أحداث هاته القصة اللطيفة في أزقة وأحياء قصبة الجزائر العاصمة عام سبعِ وستين ثمانمائة وألف في فترة مأساوية من تاريخ البلاد امتدت لثلاث سنوات عانى فيها الجزائريون فوق رِزية الإستعمار من القحط والجراد والمجاعة والكوليرا وزلزالِ عنيف ضرب العاصمة عام 67 وقد وردت تفاصيل تلك المِحنة في كتاب تاريخ كوارث الجزائر لصاحبه لابي بورزي قِس مدينة شبلي في البليدة وعضو الجمعية العلمية الفرنسية آنذاك تستطيعون مطالعته وتحميله بالنقر على الرابط باللون الأزرق

كعادة الجزائريين أطلِقت تسميات على تلك الفترة من قُبيل عام الجراد و عام الشر، أما سي قدور بن عمر صاحب القصيدة التي هزت العاصمة آنذاك وتسببت في فضيحة كبيرة لبعض العائلات والشخصيات التي كانت تنتمي إلى مجتمع الآلاجية أو الصنايعية كما يطلق عليهم والذين كانوا أفرادا من المجتمع الفني والموسيقي في القصبة، القصيدة التي سننشرها وسنتحدث عنها والتي خلدت بصورة كوميدية رائعة وبلغة شعبية أحداثا وقعت في ذلك الوقت. وصف شاعرنا ذلك بالعام المطيار

كان السيد قدور بن عمار بن بنينة الجزايري المتوفي سنة 1898، المعروف بقدور الحدبي ولِعلة أصابه الله بها (كان أحدبا) كُتُبِيَا وسَفَارَا بشارع سيدي بوقدور في القصبة ينسخ الكتب ويصلح آلات الطرب وكان يحب الضحك والإستهزاء وله كلام كثير في ذلك ضاع أغلبه للأسف. ومن لهجته نستطيع التعرف على أصوله الجيجلية والجواجلة كما هو معروف من أقدم مستوطني القصبة قدموا مع الأسطول التركي في القرن السادس عشر وكانت لهم مكانة محترمة في مجتمع الجزائر آنذاك وقد إختصو بصناعة الخبز والحلي لا ينافسهم في ذلك أحد. أما هاته الأغنية والتي شاعت بين العامة آنذاك في أحياء العاصمة، فأتى بها عام 1867 في جملة من العيساويين والمغنيين والآلاتية سافرو إلى باريز وقت المعرض ففضحهم أجمعين.

وفي القصيدة أسماء عديدة ومشاهد متنوعة وكأنها تصور مسرحية ساخرة. بعض الأسماء كانت لأولياء، وبعضها كان لأعيان معروفين عندئذ، وبعضها كان لمسؤولين على الفرقة. وقد صور الشاعر حركات أعضاء الفرقة وتصرفاتهم ومن هذه الأسماء: رئيس الفرقة علي الطري، ثم وليد الحاج والي، والحاج مصطفى، وحميدة الذي يلقبه الشاعر بوجه الحمار، وسيدي الطيب، وسيدي أحمد، وعبد القادر، وابنه زرفة، والحاج طاطا، ومصطفى بن المداح، ووليد ابن زعموم، ووليد سيدي السعيد، وكذلك كان معهم رئيس مليانة (؟). وقال عنه إنه درس على سيدي حسن(ابن بريهمات) (1) مختصر سيدي خليل في الفقه والسنوسية في التوحيد، ولذلك لم يتناول معهم الدخان(الحشيش؟). وأشار إلى أن محمد بن الحفاف كان معهم أيضا، ولكنه ظل يصلي كل النهار، بالإضافة إلى سي محمد وليد الأصنام والحاج ابن رابحة (هذه الفقرة مأخوذة من كتاب أبو القاسم سعد الله عن تاريخ الجزائر الثقافي وهو موسوعة مهمة جدا في عشرة أجزاء)

معرض الفن والصناعة لسنة 1867 كما أُطلِق عليه إِستقدمت له فرنسا التي كانت تحت حكم نابوليون الثالث والتي إنتهت للتو من تجديد عاصمتها باريس فِرقا من مستعمراتها تمثِل حسبهم ثقافات البلدان الخاضعة للإمبراطورية ومن بين تلك الفرق مجموعة من العازفين و الدراويش والرواة تكفل المدعو (سالفادور) بإختيارهم لتمثيل الجزائر في مهرجان ذلك العام

و فرانسيسكو سالفادور دانيال الجزائري المتوفي سنة 1871 هو مؤلف موسيقي وباحث يهودي من أصول مورسكية إهتم بالغناء الجزائري وكان يعطي دروسا في الكمان في الجزائر العاصمة كما له مؤلفات قيمة جدا إهتمت بتدوين الأغاني والطقطوقات الجزائرية من بينها ديوانه النادر والجميل الموسوم : أغاني عربية، مورسكية وقبائلية للغناء والعزف على البيانو والذي دون فيه عن طريق السولفاج كثيرا من الأغاني العربية والقبائلية النادرة. وله أيضا كتاب مهم عنوانه الموسيقى والآلات الموسيقية المغاربية وآخر عن علاقة الموسيقى العربية باليونانية

كان سالفادور يخالط مقهى مالاكوف المشهور في العاصمة وقد تم تكريمه في الجزائر سنة 2001 ومن بين من عزفو له السوبرانو الجزائرية أمل جلول إبراهيم التي غنت له بعض مدوناته ومن بينها (زهرة) وهي أغنية من التراث القبائلي القديم

وسونيك هذا المتوفي سنة 1904 واسمه الكامل قسطنطين لويس سونيك والذي وردت القصيدة التي نتحدث عنها في ديوانه المهم والمعروف بإسم : الديوان المعرب في أقوال عرب إفريقية والمغرب هو مستعرب فرنسي أسلم على ما يبدو وأصبح مديرا للمدرسة الكتانية بقسنطينة ثم أستاذا بمدرسة المستعمرات بباريس كان مولوعا بالعادات والأدب الشعبي الجزائري والمغاربي عموما فجمع ما كان متداولا حينها من قصائد شعبية وأغاني الأعراس والطقطوقات وحتى أهازيج الشوارع وما ما كان يشيع في البوادي من هجاءِ بذيئ

يقول السي قدور :


آجي تشوف ماذا صار، في هاذ العام المطيار

الزلزلة هدت الديار وابغات تردهم وطيا

حتى المراد والطيار ما خلاشي حتى حية

ماذا صار في ذ العام، من الوصفان ولاد الحرام

والزرناجية الظلام ونصيب من العيساوية

كل يوم يتعلموا فكلام، يا ويح قليل النية

الرومي وسمو السلفادور هو طلعهم فالبابور

وبدا واحد قلبو كيدور، قللهم حابب نتقيا

طلقت لعريفة دي البخور، حتى عبقت الدنيا

اداهم الرومي لبلادو، يوريهم لسيد سيادو

انشاالله يآخد كادو ويكافيهم بهدية

وإذا كلاها في فوادو، يحاسبهم على اللولانية

قالو برية من عندهم جات، باللي بطلو الوضو والصلاة

واحد منهم قريب مات قال ما عرفت آش بيا

سبتو عثر فالنويفخات، اللي داتهم الكورية

سبابهم ذاك علي الطري، كل يوم يظل يجري

حبسهم الرومي في كوري، يخرجهم بالكونبانية

ردهم يشبهو للبقري، خصهم غير المحاحيا

آجي تشوف ذ الهلاك في ولد سعيد كبير الحناك

كي ربح عشرة آلاف فرنك خسرهم مع القمارجية

من السلعة بقاو غير البناك، وإلا التلوة مغلية

كبير الزرناجية المخروف، اللي لحيتو أبيض مالصوف

قصد لباريز يشوف، يا نهارو فالحامية

وإذا رجع كي المكشوف يبقاو شوايعو فالدنيا

سيدي علي الزرناجي، كان حفاف وقهواجي

طامع يروح ويزيد يآجي ويعمر السلطانية

قال ليهم هاذا حجي وتخصني غير التلبية

كنت زمان مسافر مسرور، أنا المعلم وأنا المشكور

نضرب النوبة وسط الكور، كانت الدولة تركية

صرت نعجب قلبي مكسور، الموت يا ربي واين هي

ومعاهم وحد البوهالي، كنيتو وليد الحاج والي

يحسب كلامو هو العالي ما كان من يصحبو في دالدنيا

حتى واحد ما يحبو، ويقولو آجي ليا

يقول أنا مربي مفشش، كي يكذبوه يتغشش

ما يآكل غير المدشش، تبقى كريسته مدلية

كل يوم يجي محشش، يقول كليت الحاجو الفلانية

الحاج مصطفى الطويل تراه، كثرة الكذب واالطمع اداه

لو كان قعد ربي معاه، يخدم قوالب المقفولجيا

لكن الغاشي هو اللي غواه والخدمة هاذيك هي

معاهم حميدة وجه الحمار، اللي يبيع فالبلاصة النوار

ما خلى شي مصروف الدار، قاللهم اعملو الركبة شوية

لما نجي نشريلكم الدار، تغدى عيشتنا مهنيا

في يد سيدي احمد الثقبا، الطبيلات كي القربا

يحب يتعلم النوبة، وهو عرة الزرناجية

ما يعرف حتى ضربا، يا بحالي وآجي ليا

سيدي احمد قلبو مشغوف، من حب عين بوزلوف

في هاذ العام يرفد الجوف، من الهموم والمغاشيا

نتمناه يكون منسوف، وإلا اصفر كي الزرودية

سيدي الطيب يعجبني كيف يطبل ويغني

ازعافو ما شافت عنيني، كيف العجب فالجمعية

قال ماكان من يغلبني لوكان مانيش مريض شوية

قدور السريدك طبال، اللي كان هنا يبيط بالحبال

الحيوط اللي يكونو طوال، وإلا مع القطرنجية

قال هاذ السفرة عملتها فال، باش إلا باش ناخذ لاريا

كوتشوك قعد هنا ما مشاش، فالبلاصة يبيع المشماش

قال الراحة خيار المعاش، تبقى قليبتي مهنية

حتى احمد الكواش، يحب غير التهنية

عبد القادر بن الغسال، كيف يجذب جذاب لهبال

يحزم وسطو بالحبال، بالزور ماشي بالشوية

والعقارب في يد علال، شاوش العيساوية

بن زرفة ذاك الظريف، اللي كان هنا يقطع الكيف

قال جاتنا وهبة فالصيف، ندفع الدين اللي عليا

نلعب بالقزولة والسيف، ونخدم شيخي بالنية

آجي تشوف ذ السماطا في جذاب الحاج بطاطا

القمجة بلا كرافاطة، ويعنقر الشاشية

والبنادر عليه خباطا، والشعته قرعية

حتى مصطفى بن المداح، طامع في باريز يرباح

قال لما نجي نشري مصباح، والسنيوة مع السكارية

ونزيد المضربة مع المطراح، حتى البساط والزربية

السنيبلة وجه الكير، اللي كان يخدم عند المير

راح لباريز يدير القهوة للعسكرية

لما يجي رايح يصير خير من المركانطيا

سيدي اعمر اهلا بيك، باريز كامل فرحت بيك

الناس الكل تشايع ليك، السنيبلة يا عينيا

لوكان يروح للمكسيك، التهنية هاذيك هي

هو قهواجي وابنو خباز، شريكو سيدي علي مهراز

يربح ويركب بالمهماز، يستاهل مننا تهنية

الثلاثة لابسين لباس، من حوايج الرومية

مرزوق يقولو مليح، يخافو منو على خاطر قبيح

والله يا كي يبدى يصيح وتطلعلو القناوية

اللي يسمعو يمشي يسيح، للثلث الخالي من الدنيا

حتى وليد بن زعموم، زاد همو مع الهموم

لما صار آلاجي اليوم، منو واخلاصت الدنيا

إذا طلع المزموم، كـ تصيحلو ليهودية

راحو معاه زوج يهود، مثيلهم فالدنيا مفقود

واحد يشبه للقنفوذ، ولآخر عينو معمية

واللي ما سمعشي للعود، يصنت هاذ التوشية

سمعو بقصتي من بعيد، منهم وليد سيدي سعيد

و ابريهمات يظحك ويزيد، معاه حاكم المليانية

قاعدين فوق بنك الحديد، في حانوت اليمنية

عيطولي للحانوت مشيت، من القهوة والمعجون كليت

عرضوني للدخان استحيت، قلتهم موحال عليا

على سيدي حسن قريت، سيدي خليل والسنوسية

بن عيسى جاني يزدك، الدجال قل لي من نسلك

وجدت فالكتاب اللي عندك، قصتو صحيحة مروية

قلتلو بصح يرحم جدك، ضحكت وحولتو عينيا

قال لي هذا ماشي شغل الرجال، وتنكد وخذاه الخجال

بلط عينيه مثل الفنجال، وخنونتو ثاني مدلية

زراق وجهه كالباذنجان، حب يبرد غشو فيا

معاه عمي محمد بن الحفاف، اللي يظل يهدر بزاف

لما سمع بهاذ الباشراف، قال ما هنا فضية

قالولو الناس لا تخاف، راهم يكتبوك فالغنيا

السيد محمد وليد لإمام، اللي مالك السماطة بالتمام

لما قصيت عليه هاذ الكلام، قال لي صنعتو قرعيا

في حانوتو الفيران كالغمام، كلاولو من الصوف وفية

قاعد في بيت البوخاري، مثل واحد الراجل القاري

في يدو الصوف الزنجاري، قال باش نخدم ريحية

وإلا خطيبة للذراري، على خاطر الصوف شوية

لما خلصت ذ المدحا، سمع بيها الحاج بن الربحا

يضحك وفي يدو سبحة، قال لي مملحها هاذ لغنية

وجبذ شيعتو من الجبحة، من بعد كانت مخبيا

سمعو بكلامي صابوه بنين، شهر المولود يا سامعين

عام الألف والميتين، خلصت في ذ القصية

مع الربعة وثمانين، فالجمعة الآخرانية

نوريكم اسمي قدور، عند الناس الكل مشهور

السفار في سيدي بوقدور، لابس القشابية

لوما كان ظهري مكسور، ما كان من يطيق عليا

قالولي لما يجيو اتخبى، إلا يعطيولك ضربا

يكسرولك ذيك الحدبا، ويهنيوك من الدنيا

قلت أنا نهرب هربة، والا نشكي للبوليسية

لو كان كنت ماشي مشغول، عندي الكلام مازلت نقول

اللي يسمعو يقول مقبول، حتى المسامع والآلية

معهم الزهرة بنت الفول، من الطاقة تشكر فيا

اللي يقصد قلة النفع، هاذي جزايتو وإلا طمع

مدوه للعصا يشبع، اعلى كرشو عشر مية

ادوه للطبيب يستنفع، منو حتى بوفية

يا خوتي ما يوجعكم قلبكم، في هاذ القذف اللي قذفتكم

راني حطيت روحي في وسطكم، باش ما تلوموش عليا

بالقصر راني عرفتكم، وذكرت كل ما فيا

_____________

فؤاد علي موسى (أديب الميلي)